الصوم يساعد على تقليل ضغط العين

راحة البدن من راحة العينين، وإن كانت راحة الجسم في الخلود للنوم، فإن راحة العين فيما تراه وتشاهده، وفيما تلقاه من اهتمام ورعاية، وأيضا في عدم إجهادها بالسهر. ولكن دأبت العادة لدى كثيرين طول السهر في رمضان أمام شاشات التلفزيون، وعدا عن تأثير ذلك السلبي على النواحي الصحية والاجتماعية عموما، فإن للسهر تأثيرا سلبيا مباشرا على العينين خصوصا؛ إذ يتسبب باحمرارهما وإجهادهما وتعرضهما للجفاف.

إن الصورة تتكون على الشبكية، وتقوم العدسة والقرنية بتوضيح الصورة على الشبكية. وفي هذه الحالة يجب أن تكون القرنية والعدسة والشبكية في وضع جيد حتى تكون الرؤية صحيحة.

وفي أحوال معينة إذا حدثت مشاكل في القرنية مثل؛ قصر النظر أو طول النظر، أو ترسبات، فإنها تؤدي إلى تغيرات في الرؤية، وكذلك في العدسة والشبكية. هذا فيما يتعلق بالرؤية، أما تركيب العين نفسها فيتكون من الطبقة الخارجية وهي الملتحمة والقرنية تتكون من الاكتودرم، وكذلك من الميزودرم وهي الطبقات الوسطى التي يوجد بها الاندودرم؛ أي أن الطبقات الثلاث موجودة في العين، وأي مشكلة تحصل للجسم يمكن أن تحصل أيضا للعين؛ لأن كل الطبقات الموجودة في الجسم موجودة في العين، فالاكتودرم تحور إلى خلايا الملتحمة، والقرنية نفسها تحتوي على مادة الكراتين الموجودة في الجلد، ولكنها في العين بكميات قليلة وخلايا معينة، حيث تمتص الماء وتصبح كالعدسة.

فالعين فيها في الغرفتين الأمامية والخلفية سائل حول العدسة، ويسمى الذي في الغرفة الأمامية "سائل العين"، أما في المنطقة خلف العدسة فيسمى "الجسم الزجاجي"، والعين نفسها تخرج سوائل من الجسم الهدبي تذهب إلى جهاز فلتر موجود داخل العين، فيخرج هذا السائل منها، بمعنى أن الماء الموجود داخل العين يتغير في اليوم مرتين. وإذا حدث ولم يتغير نتيجة التهابات فيمكن أن يغلق الفلتر الموجود، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط العين ومشاكل ثانوية أخرى كنتيجة لهذه الالتهابات الحادثة. فهل يمكن لهذا الماء "سائل العين" أن يتأثر بالصوم؟

يمكن أن يتأثر بالصوم، وعادة الماء القليل يؤدي إلى هبوط ضغط العين، وهنا فالصوم مفيد، فإذا صام الشخص انخفض ضغط العين، وإذا أكثر من شرب الماء يمكن أن يؤدي هذا إلى ارتفاع ضغط العين، وعلى هذا الأساس، توجد تجربة تتم على المرضى الذين يشك في أن لديهم ارتفاعا في ضغط العين. فيجعلونهم يشربون لترا ونصف اللتر من الماء، ثم يقاس ضغط العين بعد قليل فيجدونه مرتفعا، فهذا يعني أن الصوم يؤدي إلى تقليل ضغط العين، ولا بد من استخدام قطرات العين الخاصة بخفض معدل ارتفاع ضغط العين؛ حيث تعد قطرات العين غير مفطرة في شهر رمضان المبارك؛ لأنها غير نافذة للمعدة.

وبالنسبة للأملاح، فإن زيادتها تؤدي إلى ارتفاع الضغط، وهذا بدوره يؤدي إلى تأثير الضغط في الشرايين المغذية للعين، ما قد يؤدي إلى بعض التغيرات في الشبكية، فكلما تناول الفرد أملاحا أقل كان أفضل للجسم.

وبالنسبة للسكر فإنه يقل في الجسم، وعندما يقل السكر في الجسم، فإنه يؤثر في الرؤية فتقل ولكن في الحدود الطبيعية، أما الهبوط الشديد في السكر ففيه ضرر على العين. ولهذا السبب ينصح المرضى المصابون بالسكر والذين يأخذون إبر انسولين ويتعرضون للهبوط بألا يصوموا، أما إذا كان مرضى السكر ممن ينظمون سكرهم ويسيطرون عليه ولا يتعرضون إلى هبوط فيمكنهم الصيام بلا مشاكل.

أما الفيتامينات، فمن الأفضل استخدام التي تذوب في الماء، مثل فيتامين "c" وهو مهم للقرنية؛ حيث يساعد على التئامها. وبالتأكيد فللعين مواصفات خاصة. فالتئام العين مثلا أسرع من التئام الجلد، فقد يلتئم الجلد في أسبوع ولكن العين تلتئم في يوم أو يومين، ما يعني أن قدرة العين على استعادة وتجديد خلاياها أكبر. وفيتامين "c" يحافظ على القرنية من الالتهابات وغمامات يمكن أن تحدث، وكذلك يمكن أن يخفف الضغط في حالة الماء الأزرق، أما فيتامين "e" فيساعد على ألا يتكون الماء الأبيض، وفيتامين "a" بالإضافة إلى مضادات الأكسدة بكل أنواعها يمكن استعمالها، وينصح أن تكون المواد المضادة للأكسدة طبيعية فهي أفضل وتكون مفيدة للعين، حيث إن فيتامين "a" ومضادات الأكسدة مهمة للشبكية.

وفيما يتعلق بطول السهر ومشاهدة التلفزيون في الشهر الفضيل، فمعروف أن السهر يقلل الأكسجين في الجسم، ونتيجة ذلك، تحاول الشرايين أن تتوسع لتحصل على الأكسجين، ولهذا تتعرض العين للإجهاد ويحمر لونها، ويزداد الشعور بالحرقان والحرارة في القرنية، وهذا يؤدي إلى إحساس بالتعب والجفاف أكثر، والتركيز في مشاهدة التلفزيون يؤدي أيضا إلى جفاف في العينين. ويمكن أن يؤدي الصوم أيضا إلى جفاف العين، خصوصا إذا كان الصائم يتعرض للخروج كثيرا، أو أن طبيعة عمله في الجو الحار، مع العلم أن 80 % من الناس عندهم جفاف، والجفاف في حد ذاته ليس خطرا، ولكن يمكن مع الجفاف أن يحدث نوع من الحساسية، أو تزداد عند من لديه حساسية، لأن الدمعة عبارة عن ثلاث طبقات؛ طبقة مخاط، ثم طبقة سائل ثم طبقة دهنية عبارة عن غشاء واحد تقريبا، والطبقات الثلاث هذه يجب أن تكون في وضع متناسق مع بعضها، فلو حدث جفاف تنكسر الطبقة الدهنية فيمكن للعين أن تدمع أكثر، وفي الوقت نفسه يوجد جفاف، ما يزيد من المواد المسببة للحساسية بشكل أسرع، ويمكن حدوث أي التهابات في العين نتيجة الجفاف؛ إذ لا بد من تناول السوائل والمياه خلال الإفطار وفترة السحور، لذا يوصى بشرب الماء وعدم الإكثار من الأملاح والبروتينات لأنها تؤدي إلى الجفاف.